الأحد، 1 يوليو 2018

إزيك يا واد :*بقلم خالد سليمان

إزيك يا واد :*بقلم خالد سليمان
******************************************************
قلب عرفته في بلاد الغربة والاغتراب ، يكبرني بعقود ، ولكنّ روحه أشعرتني أنّه طفلي المدلّل ، إنّه أستاذي ووالدي وأخي ، وأحيانا كثيرة يشعرني أنّه تلميذي وطفلي المدلّل إنّه الأستاذ سيف مجاويش ، صاحب أحلى تعبير يسعدني (إزيّك يا واد) ، ودّعته على أمل أن يزورني من سنوات .
( إزيك يا واد ) كلمات تنتظرها روحي على رصيف العمر ، أنظر كلّ يوم على محيط أوله عندي وآخره عنده ؛ علّني أستمع مرّة منه هذه الكلمات ، غاب عنّي وغبت عنه ، ولكن له الحضور الرائع في نفسي وقلبي .
كان يحييني كلّما رآني بهذه التحيّة ، وكانت حروفها سحابة تمطرني شهدا وعطرا ، وتشعرني أنّني لست في قلبه فقط ، بل في قلوب الناس كلهم .
( إزيك يا واد ) أحلى كلمة أحبّها في لهجتنا العامية ، رغم موقفي منها ، فقد كان كلّما رآني ؛ تهلّلت أسارير وجهه ، وغابت عيناه وسط جبال تجاعيده من الابتهاج والفرح .
عانقني بشكل أبوي ، وقال كلمة حفرت إيقاعها في وجداني : أشوف وشك بخير ، وغبت في وداع أليم بيننا ، كان يبكي من فرط وداعه لي ، وأنا أصبت بقسوة صخريّة غير معهودة ، وتحجّرت دموعي ، وغاب وعيي ، وكلّ ما أذكره أنّه وعدني أن يزورني بعد أيّام من وصوله لمصر ، وخرجت من عنده ماشيا بعد أن رفضت أن يأتي لتوصيلي .
كانت قناديل الشوارع تعزف معي سيمفونيّة الألم ، أنظر إلى خطواتي ، وأقول : بعد يومين سنرحل عن هذه البلاد ، ترى هل سنمشي هنا مرّة أخرى ، هذا منزل أستاذي سيف واراه الليل ، والطرق أعرفها وتعرفني ، وشجيرات الطريق المزخرفة تحفظ ملامحي ، وأحفظ ملامحها ، ماذا ينتظرنا لا أدري ؟
كنت أرى الناس من حولي دمى تتحرّك ، وخطواتي على الرمل محفورة ، كأنّها دفتر ذكريات في يد طفل عابث ، وسواد الليل يغلّف المشاهد ، ونجوم السماء مسافرة راحلة مطفأة في ليلة الغياب ؟
أحقا لن تجمعنا لقاءات هنا ؟ أحقا ستطوينا دفاتر الغياب ؟ ، ويكون الحديث عنّا نوع من ألوان الماضي .
ومضت الأيّام ، وأنا مازلت أنتظر اليوم الذي لا يأتي أقول : سيأتيني أستاذي سيف غدا ، ويأتي الغد فأقول لنفسي : غدا ، ولكنّ غدا لا يأتي أبدا .
أوقفت ساعة ذكرياتي الحزينة عند آخر محطّات الوداع بيننا ، أتلهف أن أراه ، وأغيب أغيب في حضنه لأنّه ميناء روحي المتمرّدة ، وأمنّي نفسي بلقاء روحي بيننا إلا أن تلتقي الأجساد ، ولكن ترى هل سنلتقي ؟
ربّما نلتقي ، ولكن قد لا نلتقي ، ويكفي أن روحي تفارقني كلّ يوم لتبيت في مأواها ، تأتي لتقبّل يديك وتبيت في حضنك الأبوي .
هل سيأتي اليوم الذي نلتقي فيه معا ؟
لقد عدت إلى هنا ؛ لأعيش اغترابا جديدا ، ويكفي أنني كنت أعد نفسي أنّني سأكون أقرب إليك طالما أنّني في مصر ، ولكن يبدو أنّنا ابتعدنا رغما عنّا ، لن أظلمك ، واتّهمك أنّك لا تحبّ لقائي ، بل لمست فيك حبّا وصدقا ، ولكن حقيقة اشتقت إليك ، اشتقت للسفر في ملامحك ، واشتقت للطيبة التي تقطر منك ، اشتقت لنظرة عينيك المبتسمتين
ترى هل أراك مرة أخرى ؟
كم أنت مؤلم يا أيّها الغياب ؟
كنّا معا ، والآن يقتلني سكّين الفراق ألف مرّة في كلّ لحظة
كلّ ما أعرفه ، أنّني كلّ يوم ، أنظر من شرفتي ؛ أنتظر الآتي ولا يأتي ولا أملك إلا أن أقول :
أحترف الحزن والانتظار أنتظر الآتي ولا يأتي
وأحيانا أقول :
ويمضي العام تلو العام تلو العام وتمضي بيننا الأيام
فلا أنت الذي يأتي ولا أنا أعرف العنوان .
لا أملك يا أستاذي الحبيب ، سوى الغد الجميل الذي تشرق فيه بملامحك عليّ وعلى حياتي
ربما لا أستطيع أن أقول لك : إزيك يا واد ، كما تشتاق روحي لسماعها ولكن أستطيع أن أقول : وحشتني كلمتك لي : إزيك يا واد
ترى هل سأسمعها منك مرّة أخرى ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هل سأسمعها منك مرّة أخرى ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هل سأسمعها منك مرّة أخرى ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هل سأسمعها منك مرّة أخرى ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هل سأسمعها منك مرّة أخرى ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هل سأسمعها منك مرّة أخرى ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هل سأسمعها منك مرّة أخرى ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
خالد سليمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.