الأحد، 22 يوليو 2018

الشاعر محمد خالد الأمين



زَمنٌ وَلَّى
*****
أ بَاكية من شحّ لسانٍ الْتوى
أم انصهر رحيق المداد على الحواشي ؟؟...
التفَّتْ حبالٌ من عوز
ولصق العزوف بين الشَّـدقين
فكان المأتمُ إذلالا ...
هَزِئتِ منَّا قبل التعازي
عهدْتِنا فراشًا نشفُّ ما طاب
نميل إلى البياض
نركب يخت الخلود إجلالا ...
كم أحْيينا سهادَ ليالٍ عشقا
سكرنا بين أحضانك ثُمولا ...
كنتِ مصابيح عكاظ
تناثرتِ حُروفا أفواها
فلبستْكِ خيمةُ الخليل سجالا
أوزانا وقوافي ارتجالا...
أسْكنْتِ فيكِ مجالس العزة
وتعاقب الصيت أجيالا ...
كفَّنوكِ أثير ألوان
كقزح السماء
أثناء الدَّفن سَيُفكُّ الوَثاقُ
فتنزفين غبارَ الهوان
وتُكسِّرين أغلالا ...
*****
محمد خالد الأمين





لمَّا تَفتِكُ العُيونُ
*************
حسبتكَ خُنتَ الحبَّ والشكُّ مَأثَمٌ 
...............وَنعْشِي عَلى نَارٍ وشَوقِي مُفَحَّمٌ 
أعَاتِبُ عشْقا لا يَليـــــــقُ لوالِهٍ 
...............ومِنْ هَجْرِ مَحْبوبٍ هَواهُ مُهشَّمٌ 
وما كفَّ قَلبِي في النَّوَى بينَ أضلُعٍ 
...............يَتيـــهُ غَرِيبا والبَـــــــعيدُ ملجَّمٌ 
دَعُوني أدَاوي الوَصْب في العِشقِ ليتَنِي 
...............أُعَزِّي حَيَــاتِي والمَراسِيم مَأتَمٌ
فَلا عِطرَ في قلــــبٍ يُقاسِي مَرارَةً 
...............وَلا خَيرَ في حُبٍّ مُنــــاهُ مُحَطَّمٌ 
وإنَّ كُظومَ القلبِ شَتَّى ونزْفها 
................دِمَاءٌ كسيـــــــلٍ والدَّواءُ تسمُّمٌ 
وَتُرخِي على خَدٍّ حيـــــاءً مُورَّدًا 
................وَمَا حُسْنُـــها إلا عُيونٌ ومَبْسمٌ 
وَتُغـــرِي بكُحْلٍ والعُيونُ مِنصَّةٌ 
...............كمَرْمى سِهَـــــامٍ وَالجريحُ مُتيَّمٌ 
أرَى الحبَّ يرمِيـــــنِي فَأمْقتُ غدرَهُ 
...............ومَا رُقتُهُ ليتَ الوِئـــــــامَ مُـعقَّمٌ 
أتَكرهُ مَا أعْطَى الجَلِيـــــلُ هَديَّةً 
...............فَفيهِ نَسيــــمُ الرُّوحِ عِطرٌ مُكرَّمٌ 
كأنَّ فُؤادِي وَالعُيُــــــون لظًى بِه 
...............يُدارِي دُموعَ الشَّوق والخدُّ مَلثَمٌ
وكيف يُميتُ الهجرُ قَلبِي وخَاطِري
..............ونبْض الهيامِ ارْتجَّ والسَّيلُ مَلْطَمٌ
وكمْ من عُيونٍ أفْلحتْ فِي نِزالِها
...............ومَا قَتْلهَا إلا حَيـــــــــــاةٌ وبَلسمٌ
*******
محمد خالد الأمين





الأمُّ
****
كنتَ الـــــــــــمَشِيجَ معلَّقًا تتجذَّرُ
.........تقْتاتُ من دمِــــــــــها ومَا يَتَوَفَّرُ
***
مَا أنتَ إلا مضــــــــغةٌ وَتطوَّرَتْ
.........مِنْ نُطــــــــفَةٍ عَبْر القَنَا تتصوَّرُ
***
وَكُسِيتَ لحْـــــمًا سَاترًا بِوشاجِهِ
.........لَفَّ العظـــــــــــــامَ وَجِلدهُ يتغيّرُ
***
ألمٌ يُنــــاوِرُ من متاعب حمْلِهَا
.........كحَمَــــــــــامةٍ مكسورةٍ تتضرَّرُ
***
مَغْصُ الــــــوِلادةِ همُّها وَكَأنَّهُ
.........يَوْمُ الحِسَابِ بِبَــــــالِهَا يتضمَّرُ
*** 
وَهيَ الكـــريمَةُ والحبيبةُ فيْضُها 
.........خصبٌ سَـــــقَى أفواهَ لا تتخيَّرُ
***
دومًا تُراقِـــبُ ما يَدورُ جِوَارهَا
.........لا عينَ يُغمَـــضُ جَفْنُهَا وَيُخَدَّرُ
***
كم قبَّلتْ بين الظلال وَأنْعَمتْ
.........فخْرًا كفحلٍ زَانَـــــــــهَا تتشكَّرُ
***
سَهرَتْ بكَ اللَّيلَ البهيمَ جَريحَةً
.........كُنْتَ السِّـــــــــراجَ لِلَيْلِها تتسَمَّرُ
***
عــــهدٌ على نفـــــسٍ وما غَدرَت بهِ
..........وغَدَا الوفـــــــــاءُ بِنُبْلِها يتقطَّرُ
***
زرعَتْ شتـــــائلَ في منابتِهَا ولا
.........يُثنِي معيقٌ ربْوَهــــــــــا فَتُزَهَّرُ
***
أنت الأمــــــــيرُ ولا مثيلَ لِهيْبةٍ
.........في عينِــــــها نجــــــمٌ سَنَا يتعفَّرُ
***
كانتْ وِسَــــــــادتُك الأبِيَّةُ رُكبَةً
.........وَتطيبُ نومًــــــــــا ناعمًا تتخمَّرُ
***
عهدُ الأمومةِ نــــــــاعمٌ بطهارةٍ
.........كوِشـــــــــــــــاحِ بَدْرٍ ليلهُ يتنوَّرُ
***
عيدٌ يباركـُــــــــــــها بوردةِ فُلَّةٍ
.........نَسمَتْ أريـــــــــجًا فائحًا يتحرَّرُ
***
أنْتِ الشّعــــــــارُ كَكَوثرٍ وَبِرأفَةٍ
.........تَسقِي السَّكينةَ رحْـــــمةً تتعطَّرُ
***
لايبهَتُ الرَّحِمُ الحــــــليمُ بفُرقَةٍ
.........مَا دَام قلــــــــــبُ الأمِّ لا يَتَجمَّرُ 
***
أنْتِ الطَّــــهُورَةُ وَالبتول صفيَّةٌ
.........كزُلالِ مــــــــــــــاءٍ دافق يتفجَّرُ
***
رَفَعَ الجَليلُ مَقـَـامَها وعُروشَها
.........أسْمَى سَمَـــــــاء والرِّضَا يتقرَّرُ
***
إِحْلِيــــلُها كَــــــرَمٌ وَليسَ مثيلُه
.........في الكوْن طعمًا صَـائِغًا يتعصَّرُ
***
ذاقَـــــتْ مَرارةُ حمْلِهَا فَتَجَلَّدتْ
.........صَبْرًا وكـَــــــــان وَكيلُهَا يتدبَّرُ
***
ضَوْءُ الحَكيمِ زَهَا بهَا حتَّى غَدَتْ
.........نَجمًا يُضيءُ دُروبَنَــــــــا وَتُطهَّرُ
***
اخْفِضْ جنـــــــــــاحَ مذلَّةٍ فَلعلَّهَا
.........بعْدَ الكَرِيمِ رٍضَـــــــاؤُهَا يتصدَّرُ
************************
محمد خالد الأمين 





وِلادَةٌ لمْ تَكْتمِلْ
***********
يبِست مشيمةُ العهد
صامَ الوفاء
ولادةٌ عجْفاء
فرَّ الوليدُ من ثدْي أمِّه
عافَ رحيقَ البقاء
لم يفتحْ عينيْه
تَنفَّس ظلمَ الظَّلام
زرِقتْ سرَّته
ألِف الِاتِّكال
حبلٌ سُرِّيٌّ منبوذ
لفحهُ الإباء ...
زَغاريد نائِحة
مُقَل تَعصرُ الغُروب
تبني الدموع 
غِربَان بخواتِم الحمام 
تَهدلُ نَعيقا ...
أخْطبوط عَلى اليابسة
أدْرُعٌ طويلة تَمتصُّ الهواء
تشْرهُ وَتزْعفُ 
تُعرِّي بطونا 
تحفر قبورا أسرابا
مصَّاصاتٌ مُخدِّرة 
تلتفُّ ، وتكسِّر العظام ...
أنْقضَ الحملُ الطريق
اختنقت الحُلوقُ أشواكا
نُحورٌ أدمت بوْلا
سكاكين حافية تنشر الأصوات
ألسنةٌ عجنت اللعاب 
أفرزتْ حروفا حًلقية
وأعْدمتِ البَاقي ...
سَكَنُوا الجراحَ فينا
علَّمُونا الضّماد
التَهَمْنا ريشَ أجْنحتِنا
زَحفْنا إِلى المَرق
عَكَّرُوه ...
بَنيْنا أعشاشا مِن هَمّ
احترقتِ الخَلايا
هاجرنا 
اِلتَهمَنا الماءُ
شرَّحونا ...
شَرِهنا الدموع اكتئابا
انزوينا ، وأحْييْنا الليل
أعْدَمنا الفجرُ
ودَفنتْنا الشمس ...
*******
محمد خالد الأمين





مسيرةُ عُمْر
*********
لَقَدْ سادَ الوئامُ مع الحنين
...............وباتَ الحبُّ مَلحــمَة السِّنين
وذقنا الرِّفقَ في كَفنِ اللَّيالِي
...............نُراوِدُ رفْقـــةَ الودِّ الحَصين
نُجاري العمرَ مِن أنْسٍ نبيلٍ
...............وإكبـــــــارٍ وصبْــرٍ بِالأنين
فألّمنا الزمانُ بنزفِ دمْعٍ
...............كَسيلٍ جارفٍ حيْض الجَنين
إذا بسط التَّوجُّعُ كفَّ حزنٍ
.............سَيكوِي لفحُـــــهُ فنَن الوَتِين
هي الأيـامُ وافــــــــــدةٌ بحلمٍ
............سينْقشعُ السَّــرابُ منَ اليقين
رَمَوْنا أقبح الأوصاف نعتا
.............وبات الضيقُ طُعْمًا بالمهين
رضعْنا الذل من وطنٍ قناعا
...........ولا أملا سمَــــــــا بعد اليمين
منايَ حليـــلتي ترنو لشِعْري
............وتسمع لحن حرفي كالرَّنين
فَتلنَا العمرَ في درجِ العَذابِ
.............كَصيْدٍ بينَ أنْيــــابِ الكَمِين
********
محمد خالد الأمين




عزةُ العَرَب 
********
لما توهجت الشمس 
مال القمر ورضع من ثديها 
وسطع على زوايا الضاد
ففاحت عزة العرب نخوة .. 
حماسة على درب الشموخ 
وفصاحة بين الشدقين دوَّت مروءة
رعَدها اللسان فومضت بريقا .. 
أوَتْها الصروح 
ووصل مداها بعيدا
وفرَّت أسراب الخفافيش .. 
خطُّوا مواقع على حبوب الرمال
وذاع صيتها على أجنحة الحمام
والخواتم وقَّعت القِرَان...
كان الحرف سُوقا وسجالا 
من أطناب خيمة الشَّعَر
اشتعلت أسبابا وأوتادا وفواصل
ولمعت أوزانا وقواف ..
كان الدّراع دِرعا
والصدر صدّا
والتكبيرة رعدا
والنصل يعجن التراب دما
وبُنِي العرق نصرا.. 
غزلت الحوافر تربة عذراء 
ونسجت بقاعا
وها هي تحفرها الفئران 
ودون استئذان ...
صلاصِل ألجمَةٍ 
ألقت رعبا 
فزكَّت الملائكة رذاذ الوغى
حين دوَّت الحناجر
ونسمت طيبا ...
شاعت الحروف منطادا
وزها السلام أجنحة وهديلا
وفاض الحلق إداما
واستقامت كِفَف الموازين ...
ومع فتلات الأيام
نُتف ريشُ الحمام 
وزُينت به أفواه البنادق ...
وصدِئت حدواتُ الحوافر
وتشققت الأدرع
والتَوتِ الألسن وصامت
واستحيت السماء وعجِفت
والفائض رضعه الغرباء...


*****
محمد خالد الأمين




هَمسةُ حُرُوف
**********

وإِنْ سادَ حـرْفٌ بالأَرِيــــــــجِ يُبَجَّلُ
ومَــــــاعِطرُه إلا كتــــــــــابٌ ينزَّلُ

وأنَّ دُمـوعِي وَالجُـــفُون زهَتْ بهَا
كَغرْسٍ ارْتَـوى فيْضًـــا وخَدِّي يُبَلَّلُ

سَأدفنُ شــوْقِي في عُروقِي وَأنزِفُ
كَأنَّ فُـــــــؤَادِي بِالنَّزِيــــــــفِ يُكَلَّلُ

سَقَانِي سُهـادِي من جُفونِي صَبابَةً
وَمنْ أضْلــعِي نَزفٌ وَوجْدي يُوَغلُّ

وأعلمُ أنَّ الحرفَ في القلبِ همْسةٌ
ولكنَّ أشْعـــــــارِي إلى الخَلقِ أنبلُ

أرَى العشقَ يُغريــــنِي فأنْسجُ ليلَه
فلا الفَجْــــرُ يُثنينِي وَلا الغَزْلُ يُفتَلُ

سَأنْفِرُهُ إنْ كَـــــــــــانَ للغـدْرِ توْأمٌ
وَلا عِشقَ بِالهِجْرانِ إِنْ طَالَ يَخْبَلُ

غَزيرُ المَعانِــي والبيـــــانِ لِسَانُها
وَفي الحبِّ يَـشْدُو شَهْدَ نَحلٍ يُعَسَّلُ

زَهَا لِي غَــــرَامٌ فِي ليــَالٍ وَبدرهَا 
أضَاءَ سَمائِي وَالوِصَـــــــالُ يُجلَّلُ

وَلوْلا بُكـاءُ العينِ ما زُرتُ دَرْبَهَا
وَلا زَادَ وَجْدي مِنْ لقَــــاءٍ يُؤَجَّلُ
******
محمد خالد الأمين


الحَمامُ لا يَنقرِضُ
*************

أنتَ الطلــــيقُ من التّيَارِ الكاسِـرِ
........عِشتَ الدُّهــــورَ مُتوَّجا بالناظـرِ
***
وَاهًا على زمَــــــنٍ مَضَى وَكأنَّك
........سُلطانُ عهدكَ بالوقــــارِ الفاخِـرِ
***
ضُرِبَتْ بكَ الأمْثالُ بِالحُسنِ الذي
........أسِرَ القُلـــوبَ من الزَّمانِ العابـرِ
***
وَسَقى الحمامُ عُهودَ عِشْقٍ أحْرُفا
.......وَغَـدَا اسْمُهُ حُسْنا وَبوحَ الشَّاعـرِ
***
كانَ الهَـــــدِيلُ كنسمـــةٍ لفحاتها
........تُحْيِي تَراتِيل البيــــــــــان الغابِـرِ
***
وَعَلى جَمِيلاتٍ سَمَا اسْمُك فائِحًا
........كالنَّدّ في كُنْـــهِ الغَـــــرَام الغَامِـرِ
***
كيْف الرَّحِيــلُ وَنبْتَتِي وجُذورهَا
........كانتْ أسَاسُ لُبَى البِـــنَاءِ الخَائِـرِ
***
وَبُكـاؤُكَ الحـــرُّ الذي أذْكَى لظَى
........لهـبٍ كــــــمَا نَزْفِ الفؤادِ الفَائِـرِ
***
نُتِفَ الحَمامُ وَلمْ يُبـــــارحْ ريشَهُ
........وَبَكَى السَّلام عَلَى الشِّعَارِ البائِـرِ
***
جَرَحُوك غَدرًا والخَواتـــــمُ ليتَها
........تَحْكي كشــــــاهدةِ البَريدِ الطائِـرِ
***
وَرَأيْتُهُ بَينَ الفِــــــــــــجَاجِ مُحَلقا
........يَشْـــــكُو صَدَى ظلمٍ بِجُرح غَائِـر
***
فلطَـــالمَا صَمَتَ الحَمــــامُ بِعبْوةٍ
........هدَّتْ نُحُــــورَ السِّلمِ ذَبْح الكاسِـرِ
***
نفق الحمـــــامُ ولمْ يعدْ سربًا كما
........حكَّــــــام ضادٍ في الأوانِ السَّائـرٍ
***
إنِّي أُجِلُّكَ بالجَــــــــــــمَالِ حَقِيقَة
........وَمَدائِحي نَغَم اللسَــــانِ السَّاحِـرِ
***
سِحْ بالبِــــــقَاعِ وَكنْ أميرَ مَحبَّةٍ
........ليتَ الهَدِيلَ يُجيبُ ظلــــمَ الفَاجِـرِ 
***
ما زَال تَاجُــــــــكَ قِمَّةً وَمُرَصَّعا
........وَالمَاسُ يبـــقى صَافِيًا كالنَّاضِـرِ
***
سَتظل أجنِــــــحةُ السَّلامِ سَليمَةً
........رَغْم النُّــــعاقِ وضعْف آلِ الآمِـرِ
***
شوْقِي إلى ذَاك الزَّمـــانِ أعِيشُه
........وأخطُّ نهجَ سَلامَــــــــةٍ للحَاضِـرِ
*****
محمد خالد الأمين




عُزوف
******
ولقد سئِمـت لظى السهاد شرارة
...... ولهيبه يشوي الفـــــــؤاد مرارة

وكفى بأطلال الخيــــــال توجُّسا
...... وهواجسي مسٌّ يلـــــوح إشارة

وكذا جفون الوجد بل ورموشها
...... أرْدتْ عيونا بالدمــــوع صهارة

أمسكت عن غزل الهوى متزمِّتا
...... لما تكلستِ القلـــــــــوب حجارة

والحب يُهدم بالظنـــــــون مذلَّة
...... والغدر بالهجران صـــار حقارة

سكن الجفاء بـــغربتـي ومنابتي
...... كالظل أين أحــــــــلُّ هلَّ إغارة

وإذا نواة القلــــب جفَّ رحيقها
.... تُكوَى الوجوهُ من الطفوح حرارة
*******
محمد خالد الأمين




للعيد حكاية 
**********
غطى العيد بأصباغه المزركشة
أجسادا فائرة تدخن 
من شدة انصهار 
ولفح الرمض الساري ..
فلما غزل الصوم خيوط التأمل
سكنت الأفئدة ..
وخارت النفوس تبحث عن هدنة ..
ففسخ الجسد قشرة آثام عالقة ..
وشوائب شائكة كانت بالحلق
تمنع الكلام والبلع .. 
ثم نسج بساط النقاء 
توبة وغفرانا..
على صفحات لياليه
نقشت تراويح بقلم من ماس
مداده ركعات متتالية
ودِرعه ليلة قدر تزكى 
وتطيب بآيات وترْتيل ..
ومصله زكاة فطر تطهر النفوس..
ينبض القلب تسبيحات وابتهالات
ويطارد الرفث 
فيرقى لحب الخالق..
اليوم عيد 
تنثر الورود ، ويرش العطر
من مرشات تعانق النحور ..
والعيون تترقب 
من يمسح دموعا طال ذرفها
وكوى سيلها طفحا ؟..
ومن يدهن شفاهً بإدام 
بعدما طال شقها وسال دمها ؟..
ومن يستر أجساد أطفال
أصبح العري كساءهم
والحفاء نعالهم 
والسماء غطاءهم
والتراب فراشهم ..
وأين الألباب الذين يتشدقون
برياض الجنان ؟ ..
وأين غاب من يلثم أقدام الأمهات
ويضرب العق المحض ؟ ..
بنى الأجداد صروح العيد 
ففتحوا الأبواب
وتقاسموا رغيفا
وتبادلوا لسانا وسلاما .. 
وبيد خفية 
هدمنا التاريخ بحجة ..
******
محمد خالد الأمين



أطيَبُ الشُّهُورِ
***********
هَلمَّ إلى الصَّوْمِ الكَـــــرِيمِ تُحَضَّرُ
..... وَتَجْني به مِســـكَ المُنَى وَتُعَطَّرُ

ولمَّا رأيتُ الشَّهرَ في مَهدِ غُمْدِهِ
....... نَويتُ صيَــــــامًا والأنامُ تُبَشَّرُ

وَكنتُ إذَا بانَ الهِلالُ عشقتُهُ 
...... كأنِّي نَسمْــتُ النَّــدَّ منهُ يُعَصَّرُ

فَإنْ هَل بالإمْساكِ رَامَ عِبَــــــادةً 
...... وَبِــالفضلِ غُفـرانٌ وَطُـهرٌ يُنَوَّرُ

لَهُ الأجرُ إنْ أمْسى بِرمْضٍ وعِفَّةٍ 
..... وأزْكتْ بـه الأرْواحُ فرضًـا يُيَسَّرُ

مَلائِكةُ الرَّحمَـــــانِ يَزهُو بَريقُها 
..... وقدْ نَفحتْ في الصَّومِ نُورًا يُبَلوَرُ

يَفيضُ رحيقُ الوردِ منْ كُل رَكعَةٍ 
....... فيبْهى المُصَلي والثَّـــوَابُ يُقَرَّرُ

إلى الله أهْدي أجرَ صَوْمِي فَريضةً 
...... لِمغفـــــرَةِ الذَّنــــبِ الَّذِي يَتجَذَّرُ

فلاحتْ نجومُ الصَّومِ وَهَّاجةَ المَدى 
...... تَرى الضَّوءَ مِنْ أطرَافِها يَتجَمَّرُ

فمَا الصَّــــوْمُ إلا عَنْبرٌ عمَّ رِيحهُ
.... بِهِ تُمْسَحُ الفحشاءُ والرِّجْسُ يُقْبَرُ

نعمْتَ بآياتٍ وأسْــــــمى شَفاعَةٍ
....... وكيفَ لســـانُ البَيْنِ لا يَتَحَجَّرُ

وَللصَّومِ أفْضَالٌ تَوَشَّحْ بِعَذْبِها 
...... تَرَى الذَّنْب مِنْ أطنَــابِه يَتحرَّرُ

تَراوِيحُ إيمَـــــــــانٍ تُؤَدَّى زَكِيَّةً
....... فَتسْمُو أريجًا وَالأثــــامُ تُبَخَّرُ

ومَا القَدْرُ إِلا ليْلةٌ فاحَ ذِكرُهَا
....... دعـاءً وتَسْبيحًا وقدْرِي يُوَقَّرُ

وَخيرُ اللَّيالِي أمْرُهَا فاقَ أشْهُرًا
....... وَبِالحَرْفِ تَنزِيـــلٌ وخَيرٌ يُدَبَّرُ

وَحتَّى طُلُوع الفَجْرِ أنْوَار خَالِقٍ
...... أَضَاءتْ قُلوبًا والوُجـوه تُنَضَّرُ

وَأعلمُ أنَّ الفِطرَ عيدٌ وَطهْرةٌ 
....... فَأعْطِ زَكاةً وَالنُّفــــوسُ تُطَهَّرُ

فَجاءَ وَفيّا يَفرشُ الثَّغرَ بَسْمَةً
....... تَرَى الشَّهْدَ مِنْهُ رونقًا يَتقَطَّرُ

********
محمد خالد الأمين 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.