الخميس، 31 مايو 2018

♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى




    قصة قصيرة    
   الأصدقاء و العمر   
  هم أريعة ، إثنان مسلمين ( محمد وأحمد ) وإثنان مسيحين ( عادل ومنير ) ، تعرفوا على بعضهم البعض منذ الروضة حتى حصلوا على الثانوية العامه ، وكانوا مجتهدين فى دراستهم وأسوياء فى أخلاقهم ، مما دعى أهلهم إلى تشجيعهم على إستمرار صداقاتهم الجميلة ، ودخلوا ذات الكلية ولكن في أقسام مختلفة فيها ، ومع الأيام كانت تتوثق الصدافة بينهم ، كان محمد الأكثر ثراء ويمتلك سيارة كان يأخذهم إلى الكلية ويعود بهم ، وكانوا مرتبطين ببعضهم البعض حتى عندما لم يكن لأحدهم محاضرات في الكلية كان يذهب معهم ، وهكذا إستمرت الصداقة بينهم ، وفي السنه الثالثه كان محمد يرتبط بصداقة بأجمل فتاة بالجامعة ، حيث إشتركا معاً فى حب الموسيقى والأدب ، وظلت العلاقة بينهما بكل إحترام ، وكان في الكلية مدرس مساعد ( حاصل على الماجستير) يريد أن يتزوج هذه الفتاه فأرسل إلى أصدقائه الثلاثة ، وكلٌ على حدىَ يسأله عن العلاقة بين محمد وهذه الفتاة والغريب أن إجابتهم كانت واحدة ، وهي إسأل محمد وصدقه فهو لا يكذب ، وفعلاً أحضر محمد إلى مكتبه ، وسأله عن العلاقة بينه وبين هذه الفتاه ، فأخبره أننا نشترك فى حب الموسيقى والأدب لا غير ، فشكره وأخبره أنه يريد أن يتقدم للزواج منها ، فقال له محمد هذا أحسن إختيار فهي إنسانه مثقفه وعلى خلق ، تقدم لها وتزوجها ، ويعيشان الأن فى دبي حيث عمل الزوج ، ورزقهما الله بإبنتان على قدر كبير من الجمال مثل أمهما ، ويزورهم محمد كلما ذهب إلى دبي ، والرائع أن الأربعة الأصدقاء حصلوا على البكالوريوس بدرجة إمتياز فعين كل منهم معيداً في قسمه وتاتي لهم منحة للحصول على الماجستير في أوربا وأمريكا ويرجعون الى مصر بعد حصولهم على الماجستير ، ثم بعد قليل تأتي لهم منحة للحصول على الدكتوراه ، فيذهبوا الى أوربا وأمريكا ، وبعد الحصول على الدكتوراه يعمل ثلاثة منهم فى جامعتهم الأجنبية ، ويرجع إلى مصر منهم فقط محمد ، الذي رفض الإغراءات من الجامعة التي حصل على الدكتوراه منها ، ليظل في أمريكا ، وعاد بكل شوق الي معشوقته مصر أم الدنيا ، والغريب أنه إذ سأل لو عاد بك الزمان كنت سترجع إلى مصر أم ستبقى في أمريكا ، بدون تفكير تنطلق منه الإجابه ، بلا شك كنت سأرجع لأم الدنيا قوﻻ واحدا ، ومع ذلك لم تنقطع العلاقة بينهم ، فكل شهر يجتمعون على الإسكايب ليتحدثوا معاً لمدة ساعة ، وكان محمد دائم الإتصال بأهل أصدقائه للإطمئنان عليهم ويعلمهم أنه معهم كمثل أبناءهم الذين يعيشون فى الخارج ، وأخر من تزوج منهم هو منير تزوج من زوجة مثقفة ومن عائلة محترمة ، وأرتبط محمد بعلاقة مع أبو العروس ماتيلدا وهو رجل كبير السن ولكنه شديد الذكاء وأكثر ما أسعد محمد فى هذا الرجل أنه يحتفظ بالمصحف الشريف في علبه أنيقة فى منزله ، وكذلك في سيارته ، وإذا ذُكر النبي محمد رسول الله أعقب إسمه ب صل الله عليه وسلم ، وكان يقول لمحمد أن الله خلق الخلق وأختار أفاضل خلقه وجعلهم للناس رسلا وأنبياء ، ولم ينقطع التواصل بينهما تليفونياً ، وكان قد تم عقد الزواج فى كنيسة قصر الدبارة فى جاردن سيتي حيث تسكن العروس ، وحضر جميع الأصدقاء من أوربا وأمريكا ليكونوا بجوارصديقهم منير وسافر منير بعد إتمام الزواج بالزوجة إلى لندن حيث عمله فى الجامعة فى إنجلترا ، وفي مرة وهم يلتقون كعادتهم على الإسكايب لاحظ محمد أن وجه منير يبدو عليه الحزن ، فسأله وعرف أن خلافاً حدث بينه وبين زوجته من ثلاثة أيام ، وسافرت إلى أهلها في القاهرة ، وعرف محمد أن أسباب الخلاف بينهما أسباباً لا تدعو إلى ما حدث ، فلما إنتهى التواصل بينهم على الإسكايب ، إتصل محمد بوالد ماتيلدا واستئذن فى زيارته غداً وطلب منه أن تكون ماتيلدا موجوده ، وذهب محمد في الميعاد ، وجلس في غرفه مع الوالد وسأله ماذا قالت إبنته له عن سبب الخلاف ، فقال له لم تقل إلا كلاماً فارغاً لا يدعو إلى مثل ذلك الخلاف ، ثم طلب محمد إحضارها فأتت ومعها والدتها ، وبعد السلام عليها قال محمد لها أن الفرق بيني وبينك أنني أعرف زوجك منذ كنا فى الروضة حتى حصلنا على الدكتوراه ، وحتى الأن وقال محمد كلاماً كثير لها بعضه معلومات عن زوجها والبعض الأخر توبيخاً لها بأدب ، كان قد ظهر فى وجه الأبوين إقتناعاً بما يقوله محمد ، ثم أنصرف بدون أن يحدد لها شيئاً مما يجب أن تفعله ، وبعد ثلاثة أيام ومحمد عائد من الجامعة رن التليفون فى سيارته ، فإذا على الجانب الأخر منير قال له محمد أنه على بعد خمسة دقائق من منزله في روكسي (مصر الجديدة) ، وسوف يتواصل معه على الإسكايب عندما يصل البيت ، وحدث فعلاً لاحظ محمد أن وجه منير تظهر عليه سعادة ، قال منير بالأمس إتصلت ماتيلدا بي من مطار هيثرو في لندن وطلبت أن أأتي لأخذها فقد عادت من القاهرة ، وعندما وصلت أخذتني بالأحضان وكأنها أول مرة أشعر بحنانها الفياض وقالت لي: لقد أعطاني دكتور محمد درساً لن أنساه فى حياتي ، وعرفت من كلامه كم قدرك وكم كنت مقصره فى فهمك ، ثم بعد أن إنصرف دكتور محمد من عندنا سمعت من أبي ومن أمي كلاماً لم أسمعه منهما من قبل ، فأرجو أن تسامحني وأبداً لن أكون لك إلا كما تريد ، وفعلاً أنت قد أحسنت إختيار أصدقائك ، وسأل منير دكتور محمد ماذا قلت لها ، ضحك محمد وقال له ، قلت لها ما كنت أنت ستقوله لزوجتي لو فعلت فعلتها ، فشكره منير وقال له غداً الأحد سأذهب أنا وماتيلدا الى الكنيسة ، وسنشعل لك شمعه ، وأطلب من الله أن يزيدك حباً للأخرين وأن يمتعك بقلبك الكبير.
   ا.د/ محمد موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.