الأحد، 1 أبريل 2018

قصة فتاة البار للكاتبة المتألقة عالية العياصرة

« فتاة البار »     

ركن سيارته بالجانب الآخر من البار ، ليأخذ نفسآ عميقآ واضعآ راسه على «ستيرنق » سيارته بات مهموم النفس غارق التفكير ، نزل من سيارته ليخطو بخطوات هادئة تكاد قدماه لا تقويان على المسير واضعآ يده اليسرى بجيبه واليد الأخرى تقبض على هاتفه ، متوجهآ لباب البار كأنه يهم بالرجوع لكن قدماه تسوقه  لذاك الكأس اللعين لعله يهدأ قليلآ ويتناسى أشياءً بداخله أنسته لذة النوم ، نظر بأرجاء المكان لتقع عينيه على طاولة بجانب الشباك المطل على الشارع العام ، اقترب بهدوء ليضع « الجاكيت » على حافة الكرسي ، جلس ليطرق برأسه مغمض العينين لدقائق ثم إلتفت ليشير لفتاة طويلة القامة رشيقة الخصر بيضاء الوجه ، يسترسل شعرها الأشقر على كتفيها بطلب كأس خمر ، نظرت إليه تأملته قليلآ بتلك البدلة السوداء التي أضافت له رونقآ من الجمال والرقي ، ولذاك الشعر الناعم بجمال وجهه الأبيض المستدير ، إبتسمت بهدوء وأخذت تقترب منه ، وكلها ثقة بجمالها وحسن رشاقتها ببرستيجها المميز بين بنات البار ، تلفت بسحرها هذا وذاك ، فأتت خالية اليدين ، وقفت أمامه صامتة تنظر بإعجاب بالغ ، فنظر إليها متعجبآ وأشعل سيجارته .
نظرت إليه عن كثب فأطرق بعينيه أرضآ ، كأنه شلَّ من التفكير الغارق وسط زحام أفكاره ، يسكت هذا ويشجع ذاك ، لكن صوتآ مدويآ بداخله نال من ضميره وأنقض عليه 
- ما بك ؟ 
-  احضرته لك لكن يبدو أنك ما عدت ترى قط 
 فنظر إليها متعصبآ يرمقها بنظرة حادة ، وإذ بعينيها تفيض خمرآ وسحرآ ، فاستجمع قواه رغم احساسه بضعفه
- إن كيدكن لعظيم 
- أتعي ما تقول ؟
- فاجرة
 فَهَمَ ليخرج مسرعآ إلا أنها عدت تستوقفه على الباب ، أزاحها بقوة بالغة 
- ابتعدي يا إمرأة 
- ولِمَ
- قلت ابتعدي
- تريث قليلآ يا هذا
- لا
- كأن مسآ قد أصابك 
- نعم ، أخاف من عينيك أن تجدد هذياني بجعلي مخمورآ بهما كل ساعة ، فأنا رجل أحتسي الخمر لكنني أخاف الله 
 ابعدها بقوة ليخرج بخطوات مسرعة فتساءلت 
- أانا خطيئة !
 إبتسمت بخبث لتقضم خصلة من شعرها ، ثم أستدارت بظهرها لتتكئ على مقعدها شاردة الذهن مثقلة التفكير ، وفجأة لسعتها كلماته نهرتها بقوة ، جُنَّ جنونها اطبق صدرها لتصاب بسهم حاد فخرجت مسرعة تبحث عنه بكل مكان لكنه ابتعد ، أسئلة فاضت بذهنها لتغرق ، ترى ما اسمه ؟ من يكون ؟ لكن بلا جدوى ، جلست على ركبتيها مشتعلة باكية وأخذت تتمتم عد إليَّ فأنا بك الآن أصبحت أخاف الله ، أين أنت ؟ أردت قتلك فقتلتني ... 

                           عالية العياصرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.